درر الأنام في تاريخ الإسلام (للشاعر المبدع السيد الديداموني) من بحر الكامل
الجزء الأول
(درر الأنام في تاريخ الإسلام)
**********************
دَعْ مَنْ تَرَنَّمَ بِالْمَدَائِحِ وَالْغَزَلْ
وَاسْمُو بِحَرْفِكَ بَيْنَ أَجْدَادِ الْأُوَلْ
هُمْ لِلْكَوَاكِبِ حُسْنُهَا وَضِيَاؤُهَا
نُورُ الْهِدَايَةِ دُونَهُمْ لَا يَكْتَمِلْ
هُمْ دُرَّةُ الْإِسْلَامِ هُمْ تِيجَانُهُ
أَهْلُ الْمَنَارَةِ وَالْبُطُولَةِ وَالْجَلَلْ
دَعْ مَا تَنَاقَلَ مِنْ أَسَاطِيرِ الْوَرَى
إِلَّا الَّتِي قَدْ قَادَهَا خَيْرُ الرُّسُلْ
تِلْكَ الْحَفَاوَةُ فِي رِيَاضِ مُحَمَّدٍ
كَمْ غَزْوَةٍ رُبِحَتْ بهِ حِينَ اقْتَتَلْ
نَشَرَ الْمَحَبَّةَ وَالسَّلَامَةَ بَيْنَنَا
فَتَمَاسَكَتْ أَوْصَالُنَا بَيْنَ الدُّوَلْ
هِيَ دَوْلَةُ الْإِسْلَامِ عُظِّمَ شَأْنُهَا
بِقِيَادَةِ الْمَبْعُوثِ فِيمَا قَدْ نَزَلْ
فَرُمُوزُهَا أَبْطَالُهَا وَمُلُوكُهَا
مَلَكُوا الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ إِنْ تَسَلْ
بَلْ مَا ارْتَضَوْا لِلْحَرْبِ إِلَّا بَعْدَ مَا
جَارَ الْعَدُوُّ فَخَابَ فِيهِمْ وَاسْتَذَلْ
مِثْلَ الصَّوَاعِقِ إِنْ أَحَلَّ قُدُومُهُمْ
أَرْضَ الْمَعَارِكِ تُسْتَشَاطُ وَتَرْتَجِلْ
وَسُيُوفُهُمْ حَدْبَاءُ عِنْدَ بَرِيقِهَا
تَغْزُو الرِّقَابَ بِضَرْبَةٍ لَا تُمْتَثَلْ
غَزَوَاتُنَا نَصْرٌ تَمَالَكَهُ الْبَقَا
فَجِهَادُنَا عَنْ دِينِنَا لَا يَنْفَصِلْ
عَدَدٌ ثَمَانِيةٌ وَعِشْرُونَ انْقَضَتْ
غَزَوَاتُنَا نَصْرٌ عَظْيمٌ قَدْ جَذَلْ
أَقْوَاهُمُو أَسْمَاهُمُو أَغْزَاهُمُو
فِي فَتْحِ مَكَّةَ وَالْجَمِيعُ قَدِ ابْتَهَلْ
قَدْ كَسَّرُوا الْأَصْنَامَ فِي أَرْجَائِهَا
نَكَثَ الَّذِي عَنْ قَوْلِهِ يَعْلُو هُبَلْ
فَاللهُ أَعْلَى قَدْ أَمَدَّ نَبِيَّهُ
نَصْرًا مُبِينًا جَامِعًا كُلَّ السُّبُلْ
هَذَا أَوَانُ الْحَقِّ جَاءَ بِنَصْرِهِ
وَتَطَهَّرَتْ أُمُّ الْقُرَى مِمَّا عَضَلْ
فَعَفَا النَّبِيُّ عَنِ الْجَمِيعِ وَرَدَّدُوا
أَنْتَ الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ كَمَا نُقِلْ
بَطْحَاءُ مَكَّةَ وَالْمَعَاشِرُ أَعْلَنُوا
إِسْلَامَهُمْ نَصْرُ الْإِلَهِ لِمَنْ أَجَلْ
اللهُ يَا اللهُ فِيمَا قَدْ بَدَا
فَرْدًا تَعَظَّمَ فِي الْمَدَائِنِ وَالدُّوَلْ
فَمُحَمَّدٌ خَيْرُ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا
هُوَ سَيِّدُ الثَّقَلَيْنِ بَدْرٌ مُكْتَمِلْ
أَخْلَاقُهُ الْقُرْآنُ مَعْصُومُ الْخَطَا
لَا الذَّنْبُ يُحْمَلُ فِي خُطَاهُ وَلَا الْكَسَلْ
قَدْ جَاءَ يَدْعُو لِلْهِدَايَةِ وَالتُّقَى
وَمَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ دِينٌ مُشْتَمِلْ
مِصْبَاحُهُ الْقُرْآنُ مُعْجِزَةُ الْهُدَى
قَوْلٌ رَصِينٌ هَادِيٌ بَرٌّ تَبِلْ
قَدْ أَجْمَعُوا أَهْلَ الْفُجُورِ مَعَ الْبِغَا
ءِ فَأُرْكِسُوا بَيْنَ التَّدَاعِي وَالْفَشَلْ
قَوْلُ الْإِلَهِ فَلَا يُبَارِي حَرْفَهُ
شِعْرٌ وَلَا قَوْلُ الْهُوَاةِ وَلَا الزَّجَلْ
فِي دَوْلَةِ الْإِسْلَامِ صَارَ لِوَاؤُهَا
عَلَمًا يُرَفْرِفُ بَيْنَ رَايَاتِ الْأَمَلْ
فَتُوُفِّيَ الْمَبْعُوثُ فِينَا بَعْدَمَا
شَرْعَ الْإِلَهِ أتمَّ فِيهَا وَاجْتَبَلْ
فَبَكَتْ عَلَيْهِ الْأَرْضُ فِي أَرْجَائِهَا
وَكَذَا السَّمَاءُ وَأَمْطَرَتْ كُلُّ الْمُقَلْ
صَلُّوا عَلَى خَيْرِ الْخَلَائِقِ أَحْمَدٍ
نُورُ الْهِدَايَةِ وَالسَّلَامَةِ مَا حَمَلْ
****************
الجزء الثاني
(درر الأنام في تاريخ الإسلام)
أبو بكر الصديق
-------------------------
مَاتَ النَّبِيُّ وَجَاءَ فِينَا خِلُّهُ
أَعْنِي أَبَا بَكْرٍ بِخِيرَةِ مَا نَقَلْ
هُوَ عَابِدٌ هُوَ عَاتِقٌ مُتَصَدِّقٌ
مَا صَبَّ فِي شَمْعِ النَّحِيلِ سِوَى الْعَسَلْ
قَدْ صَدَّقَ الْمَبْعُوثَ مَطْلَعَ بَعْثِهِ
لَمْ يَقْتَرِفْ إِثْمًا وَلَمْ يَبْغِ الْحِيَلْ
هُوَ ثَانِيَ الْعُظَمَاءِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ
فَمَضَى عَلَى نَهْجِ النُّبُوَّةِ مَا أَضَلْ
هُوَ صَاحِبُ الْمُخْتَارِ ظَلَّ مُجَاهِدًا
وَمُهَاجِرًا لَزِمَ النَّبِيَّ وَلَمْ يَكِلْ
لَمَّا أَهَمَّ الْقَوْمُ مِنْ هَوْلِ الْقَضَا
فَخَشِيْ عَلَى الْإِسْلَامِ يَعْلُوهُ الْخَلَلْ
مَسَحَ الدُّمُوعَ وَقَامَ يَخْطُبُ قَائِلًا
وَالْكُلُّ يَسْمَعُ قَوْلَهُ حِينَ ارْتَجَلْ
(مَاتَ النَّبِيُّ وَذَاكَ رَبِّي لَمْ يَمُتْ)
(أَفَتَعْبُدُونَ اللهَ أَمْ أَحَدَ الرُّسُلْ)
إِسْلَامُنَا للهِ لَيْسَ لِعَبْدِهِ
فَتَلَا بِآيَاتِ الْكِتَابِ عَلَى وَجَلْ
أَنْ لَا إِلَهَ سَوِى إِلَهِي خَالِقِي
هُوَ سَرْمَدِيٌّ خَالِدٌ وَلَهُ الْأَزَلْ
أَرْوِي عَنِ الصِّدِّيقِ بَعْضَ صِفَاتِهِ
لَا نَكْتَفِي مِنْ مَدْحِهِ سَيْلٌ هَطَلْ
فَأَبٌ لِعَائِشَةَ الْبَتُولِ وَأُمِّنَا
زَوْجِ النَّبِيِّ فَطُهْرُهَا فِيمَا نَزَلْ
قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِيهَا آيَةً
بِبَرَاءَةٍ مِمَّا ادَّعَى أَهْلُ السِّفَلْ
لُعِنَ الَّذِي قَدْ خَاضَ فِي عِرْضٍ لَهَا
إِفْكٌ أُشِيعَ بِمُفْتَرَى ثُلَلِ الْخَبَلْ
صِدِّيقُ مَكَّةَ عَالِمٌ أَنْسَابَهَا
فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا أَضَلَّ وَلَا ثَمِلْ
قَدْ أَنْفَقَ الْأَمْوَالَ مَا ضَلَّ الخُطَا
لَا يَقْتَنِي مَالًا بِدَارٍ مُسْتَقِلْ
هُوَ أَوَّلُ الْخُلَفَاءِ جَاءَ مَشُورَةً
وَمَشُوَرةُ الْأَصْحَابِ كَنْزٌ لَمْ يَزَلْ
سَيْفٌ قَوِيمٌ فِي رِقَابِ خُصُومِنَا
وَبِهِ يُقَاوَمُ مَنْ أَضَلَّ وَمَنْ مَطَلْ
فَبَدَا وَخَطَّطَ وَاسْتَعَانَ بِغَيرِهِ
بَعْضِ الصَّحَابَةِ فِي الْإِدَارَةِ وَالْعَمَلْ
وَاخْتَارَ مِنْهُمْ لِلْوِلَايَةِ خَيْرَهُمْ
حَتَّى يَهَابَ اللهَ فِيهَا لَا يَضِلْ
مَلَكُوا الْأَمَانَةَ وَالْعَدَالَةَ وَالتُّقَى
هُمْ صَفْوَةُ الْأَصْحَابِ مِنْ بَيْنِ الْمِلَلْ
مَا خَابَ فِيهِمْ عَامِلٌ بِوَلَايَةٍ
بِالْعَدْلِ يَقْضِي لَا يُخَالِطُهُ الْجَدَلْ
وَأَتَمَّ مَا عَزَمَ النَّبِيُّ بِفِعْلِهِ
فَتْحًا عَظِيمًا فِي عِدَادٍ مُقْتَبِلْ
لِلرُّومِ يَنْوِي غَزْوَهَا وَحُصُونَهَا
أَوْصَى الْخَلِيفَةُ جَيْشَهُ أَمْرًا جَلَلْ
لَا تَقْتُلُوا طِفْلًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا
شَيْخًا وَلَا مِنْكُمْ يُسِيئُ بِمَنْ قُتِلْ
لَا تَقْطَعُوا نَخْلًا وَلَا شَجَرًا وَلَا
أَنْ تَذْبَحُوا شَاةً كَذَاكَ وَلَا إِبِلْ
أَخَذَ الْوَصَايَا جَيْشُهُ بِحَفَاوَةٍ
وَبِهَا عَلَى دَرْبِ الْهِدَايَةِ مُرْتَحِلْ
أَهْلُ الْبُطُولَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَالْقُوَى
بِسُيُوفِهِمْ قَادُوا الْحُرُوبَ وَبِالْأَسَلْ
سَاقَ الْجُيُوشَ مُقَاتِلًا بِعَتَادِهَا
مَنْ يَدَّعِي بِنُبُوَّةٍ فِيمَا جَهِلْ
أَنْ لَا نَبِيَّ يَلِي النَّبِيَّ مُحَمَّدًا
لَقَدِ انْتَهَى بَعْثُ النُّبُوَّةِ وَالرُّسُلْ
وَلِكُلِّ مُرْتَدٍّ نَأَى عَنْ دِينِنَا
سَيَنُوءُ عَنْ دَرْبِ الضَّلَالِ كَمَا اتَّصَلْ
أَوْ أَنْ يَرَى جَيْشًا عَظِيمًا قَادِمًا
فَيُصِيبُهُ كُلُّ الْمَذَلَّةِ وَالْفَشَلْ
وَلِمَنْ أَضَلَّ عَنِ الزَّكَاةِ وَفَرْضِهَا
سَيَرُدُّهَا سَلْمًا وَإِلَّا بِالْهَلَلْ
فَزَكَاتُنَا كَصَلَاتِنَا مَكْتُوبَةٌ
إِحْدَاهُمَا عَنْ أُخْتِهَا لَا تَنْفَصِلْ
فَقَضَى عَلَيْهِمْ جُلِّهِمْ وَحَلِيفِهِمْ
حَلَّ الْأَمَانُ عَلَى الْخِلَافَةِ وَانْسَدَلْ
وَهُنَا أَتَمَّ الْجَيْشُ كُلَّ مُهِمَّةٍ
وَبَدَا لَنَا حِصْنًا حَصِينًا مُكْتَمِلْ
******************
الجزء الثالث
(درر الأنام في تاريخ الإسلام)
حرب الفرس والروم
----------------------------
نَحْنُ الْمُلُوكُ فَمْن يُعَادِي مُلْكَنَا
وَلَنَا الْمَمَالِكُ وَالزَّعَامَةُ تَنْتَقِلْ
مِنْ بَأْسِنَا سَيْفٌ يُسَلُّ عَلَى الْعِدَا
مَا إِنْ رَآهُ الْخَصْمُ فَرَّ بِمَا حَمَلْ
فَتْحُ الْعِرَاقِ بِبَأْسِهَا وَقَتَادِهَا
قَدْ مَدَّهَا الْإِسْلَامُ حُسْنًا وَانْسَجَلْ
حَمَلَ اللِّوَاءَ ابْنُ الْوَلِيدِ مُقَاتِلًا
وَلَهُ الْإِمَارَةُ ذَاكَ مِفْتَاحُ الْأَمَلْ
مَا قَادَ حَرْبًا أُشْعِلَتْ بِلَهِيبِهَا
إِلَّا وَأَصْبَحَ شَامِخًا مِثْلَ الْجَبَلْ
وَأَبُو عُبَيْدَةَ لِلْإِمَارَةِ بَعْدَهُ
تِلْكَ اللَّآلِئُ مِنْ رُؤَاهَا نَكْتَحِلْ
فَأَتَتْ جُيُوشُ الْفُرْسِ فَوْقَ عَتَادِهَا
جُنْدًا كَثِيفًا بِالنَّوَاحِي وَالْقَبَلْ
قَدْ أَقْبَلُوا بَعَتَادِهِمْ وَحُصُونِهِمْ
حَرْبُ الْعِظَامِ أَجِيجُهَا لَا يُحْتَمَلْ
أُولَاهُمُو حَرْبُ السَّلَاسِلِ قُيِّدُوا
بِسلَاسَلٍ لَمْ تُغْنِهِمْ تِلْكَ الْحِيَلْ
خَرَجَتْ لَهُمْ فِرْسَانُنَا قَلْبَ الْأَسَى
وَقَضْتْ عَلَيْهِمْ لَمْ تَذَرْ مِنْهُمْ رَجُلْ
إلَّا وَمَاتَ بِضَرْبَةٍ لَا غَيْرَهَا
أَوْ فَرَّ خَوْفًا مِنْ سُيُوفٍ لَا تَكِلْ
فَأَتَوْا بِجَيْشٍ ثُمَّ جَيْشٍ بَعْدَهُ
سَدُّوا الْفُرَاتَ بِظَنِّهِمْ أَنْ لَا نَصِلْ
وَتَقَهْقَرُوا خَلْفَ الْحُصُونِ وَأَدْبَرُوا
فَرَّ الْخُصُومُ وَبَاتَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلْ
عَمَدُوا عَلَى الْأَنْبَارِ ضَرْبَ عُيُونِهَا
عَبَرُوا لَهُمْ مِنْ فَوْقِ جُسْمَانِ الْإِبِلْ
هِيَ وَقْعَةٌ لِلْفُرْسِ هُمْ أُسِرُوا بِهَا
قَدْ سُمِّيتْ ذَاتَ الْعُيونِ كَمَا نُقِلْ
فِي الْقَادِسِيَّةِ أُشْعِلَتْ نِيرَانُهَا
كَرٌّ وَفَرٌّ فِي حِرَاكٍ مُشْتَعِلْ
فُرْسٌ وَرُومٌ وَالْقَبَائِلُ أَقْبَلُوا
خَلْفَ الْفُرَاتِ وَأُرْكِسُوا مِثْلَ الْأُوَلْ
وَلَقَدْ تَحَطَّمَ عَرْشُ كِسْرَى مَا بَقِيْ
حِصْنًا مَنِيعًا يَعْتَلِيهِ وَلَا جَرَلْ
عَادَتْ جُيُوشُ الْمُسْلِمِينَ بِنَصْرِهَا
نَصْرًا مُبِينًا فِي عِدَادٍ مُتَّصلْ
فَتَجَمَّعَتْ تِلْكَ الْجُيُوشُ بِعَدِّهَا
وَتَجَهَّزَتْ بِعَتَادِهَا كَيْ تَنْتَقِلْ
أَرْضُ الْمَعَارِكِ أَرْضُهَا وَحُصُونُهَا
مَحْمِيَّةً بِبَسَالَةٍ لَا تَمْتَثِلْ
قَصَدَتْ جُيُوشَ الرُّومِ فِي عُقْرٍ لَهُمْ
فِي شَامِنَا وَبِهَا الْمَعَالِمُ لَا تَزَلْ
هُمْ قُوَّةٌ عَظُمَتْ بِعَدِّ حُصُونِهِمْ
ظَنُّوا بَأَنَّ قُوَاهُمُو لَا تَنْضَحِلْ
لَمَّا رَأَوْا بِقُدُومِنَا وَتَأَمَّلُوا
قَدْ أُرْكِسُوا وَالظَّنُّ مِنْهُمْ قَدْ بَطَلْ
فِي وَقْعَةِ الْيَرْمُوكِ قَلْبَ حُصُونِهِمْ
حَرْبُ الْعِظَامِ تَأَجَّجَتْ حَتَّى الْوَجَلْ
طَالَ الْقِتَالُ وَظَلَّ فِيهِمْ بَأْسُنَا
كَادَ الْعَدُوُّ بِأَنْ يَنَالَ وَلَمْ يَنَلْ
اللهُ قَوَّمَنَا وَشَدَّ بأَزْرِنَا
صَبْرًا وعَزْمًا فِي ثَبَاتٍ مُكْتَمِلْ
إِذْ كَانَ فِينَا عَدُّنَا وَعَتَادُنَا
مِنْ بَيْنِنَا هُمْ كَثْرَةٌ نَحْنُ الْقِلَلْ
مِائَةٌ لَنَا تَجْتَاحُ أَلْفًا مِنْهُمُو
مَا إِنْ رَأَوْا بِسُيُوفِنَا خَوَتِ الْمُقَلْ
نِعْمَ الَّذِي حَمَلَ اللِّوَاءَ مُصَابِرًا
عَزَّ الْإِلَهُ بِنَصْرِهِ ذَاكَ الْبَطَلْ
فَغَزَتْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ جُسُومَهُمْ
قَتْلًا وَجُلُّ جِرَاحِهِمْ لَا تَنْدَمِلْ
أَيْنَ الْمُلُوكُ عُرُوشُهُمْ وَحُصُونُهُمْ
كِسْرَى وَقَيْصَرُ بِالْجَلَالَةِ وَالْحِيَلْ
فَقَضَى عَلَيْهِمْ بَأْسُنَا وَأَصَابَهُمْ
مِنْ بَعْد عِزٍّ قَائِمٍ كَرْبٌ وَذُلْ
*****************
الجزء الرابع
(درر الأنام في تاريخ الإسلام)
الفاروق عمر
--------------------------
فَمَضَى أَبُو بَكْرٍ لِخِيرَةِ رَبِّهِ
جَارَ النَّبِيِّ قَدْ انْقَضَى مِنْهُ الْأَجَلْ
تَرَكَ الْحَيَاةَ وَلَا يُبَالِيَ نَظْمَهَا
ذِكْرَاهُ تَبْقَى فِي رِحَابٍ مُسْتَقِلْ
كُلُّ الْجَمَالِ يَدُورُ فِي أَوْصَافِهِ
نَجْمٌ تَعَالَى فِي سَمَانَا مَا قَفَلْ
مَاتْ الْخَلِيفَةُ ثُمَّ خَلَّفَ خِلَّهُ
عُمَرًا وَمَا أَدْرَاكَ مَا هَذَا الْبَطَلْ
أَعْنِي بِهِ الْفَارُوقَ دِرْعًا وَاقِيًا
لِلدِّينِ ظَلَّ مُجَاهِدًا وَلَهُ بَسَلْ
فَمَضَى عَلَى دَرْبِ الْخَلِيلِ خَلِيلُهُ
دَرْبٌ قَوِيمٌ مَا جَفَاهُ وَمَا عَذَلْ
دَرْبٌ تُخَالِطُهُ السَّلَامَةُ بِالرِّوَا
ءِ كَأَنَّهُ سِربُ الْحَمَامَ مَعَ الْحَجَلْ
ذَاكَ الْقَوِيُّ بِقُوَّةٍ مِثْقَالُهَا
زَادَتْ بِإِسْلَامٍ وَعِزٍّ لَمْ يَزَلْ
قَدْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَقْتَ خَفَائِهِ
دِينًا ظَهِيرًا شَامِخًا لَا يَضْمَحِلْ
وَبِهِ أُعِزَّ الدِّينُ عِنْدَ ظُهُورِهِ
حَتَّى تَثَبَّتَ قَائِمًا مِثْلَ الْجَبَلْ
هُو ثَالِثُ الْعُظَمَاءِ فِي إِسْلَامِنَا
فِي نُصْرَةِ الْمَظْلُومِ قَاضٍ مُعْتَدِلْ
حُرٌّ تَقِيٌّ فِيهِ كُلُّ ثَمِينَةٍ
حَمَلَ الْبُطُولَةَ وَالْمُرُوءَةَ وَالْخَجَلْ
قَدْ قَوَّمَ التَّارِيخَ فِي إِصْدَارِهِ
مِنْ هِجْرَةِ الْمَبْعُوثِ كَانَ الْمُقْتَبَلْ
وَضَعَ الْمَعَارِفَ فِي السِّيَاسَةِ وَالتُّقَى
قَدْ أَنْشَأَ الدِّيوَانَ أَوَّلَ مَنْ فَعَلْ
عَزَلَ الْقَضَاءَ عَنِ السِّيَاسَةِ كُلِّهَا
حَقًّا رَصِينًا لَا يَجُورُ وَلَا يَضِلْ
فَكَأَنَّهُ دُرٌّ تُعَانِقُهُ السَّمَا
ضَاءَ الْبَرِيَّةَ فِي رُؤَاهَا مَا طَفَلْ
فَتَحَتْ بِلَادُ الشَّامِ بَيْنَ ذِرَاعِهِ
مَدَّ الْعُرُوبَةِ وَالْبُطُولَةِ وَالْأَمَلْ
فَتَحَتْ فَلَسْطِينُ الْأَبِيَّةُ حِصْنَهَا
بَعْدَ الْحِصَارِ لَهَا الْخَلِيفَةُ قَدْ رَحَلْ
مَسْرَى النَّبِيِّ لِقُدْسِهَا ثُمَّ اعْتَلَا
نَحْوَ السَّمَاءِ نَرَى بِهَا أَمْرًا جَلَلْ
وَكَذَا الْعِرَاقُ تَفَتَّحَتْ أَبْوَابُهَا
أَرْضُ الْحَضَارَةِ وَالْمَنَارَةِ فِي الْأَزَلْ
بَعْدَ الْحُرُوبِ بِبَأْسِهَا وَشَقَائِهَا
فُرْسٌ وَرُومٌ وَالْقَبَائِلُ وَالثُّلَلْ
وَأَتَى إِلَى مِصْرَ الْعَظِيمَةِ فَاتِحًا
حِصْنًا فَحِصْنًا فِي حِرَاكٍ مُتَّصِلْ
أَرْضُ الْجَمَالِ حَضَارَةً وَمَنَارَةً
مِرْآتُهَا بَيْنَ الْمَدَائِنِ تَكْتَحِلْ
هِيَ جَنَّةٌ فِي أَرْضِهَا وَسَمَائِهَا
بَلَدِي الْحَبِيبَةُ تِلْكَ حَبَّاتُ الْمُقَلْ
هِيَ مَوْطِنِي هِيَ مَلْجَئِي هِيَ خَافِقِي
هِيَ مَأْمَنِي فِيهَا أَجُولُ وَأَنْتَقِلْ
فَتَمَدَّدَ الْإِسْلَامُ بَيْنَ رُبُوعِهَا
قَدْ أَسْلَمُوا بِرِضَاهُمُو دُونَ الْقِلَلْ
فَتَحَتْ طَرَابُلْسُ الْجِوَارَ لِمِصْرِنَا
فِي فَتْحِهَا أَبَتِ الْحُصُونُ وَلَمْ تَطُلْ
لَا يُجْبِرُوا أَحَدًا عَلَى إِسْلَامِهِ
بَلْ بِالسَّلَامَةِ لَا يَجُورُ وَلَا يَضِلْ
كَمُلَتْ جُيُوشُ الْمُسْلِمِينَ بِقُوَّةٍ
جَمًّا عَظِيمًا بَيْنَ أَطْرَافِ الدُّوَلْ
طَعَنَ الْخَلِيفَةَ رَاكِعًا بِصَلَاتِهِ
فَرْدٌ مَجُوسِيٌّ أُغِلَّ بِمَا فَعَلْ
يَا مَادِحَ الْفَارُوقِ حُسْنًا لَا تَفِي
فِيهِ الْحُرُوفُ وَلَا الْوُصُوفُ وَلَا الْجُمَلْ
مَلَكَ الْمَشَارِقَ كُلَّهَا وَحُصُونَهَا
رَايَاتُنَا فَوْقَ الْمَشَارِفِ وَالْقَبَلْ
*****************
الجزء الخمس
(درر الأنام في تاريخ الإسلام)
عثمان بن عفان
--------------------------
فَتُوُفِّيَ الْفَارُوقُ بَعْدَ رِسَالَةٍ
ظَلَّتْ كَنُورٍ لَا تُخَالِطُه الظُّلَلْ
وَكَأَنَّهُ شَمْسٌ تَعَظَّمَ نُورُهَا
عَمَّتْ بِقَاعَ الْأَرْضِ نُورٌ مُنْسَدِلْ
قَدْ جَاءَ عُثْمَانُ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ
طَوْدًا عَظِيمًا رَائِعًا مِثْلَ الْأُوَلْ
أَقْوَالُهُ أَفْعَالُهُ وَحَيَاتُهُ
خَيْرٌ فَخَيْرٌ بِالْخِلَافَةِ ما خَطَلْ
فِي الْجَاهِلِيَّةِ طَيِّبٌ بِصَفَاتِهِ
حَسَنُ الطِّبَاعِ فَمَا أَجَاَر وَمَا ثَمَلْ
سَادَاتُهَا أَشْرَافُهَا قَادَاتُهَا
مَلَكَ الْمَحَامِدَ كُلَّهَا غَيْثٌ وَطَلْ
قَدْ عَانَقَ الْإِسْلَامَ أَوَّلَ مَهْدِهِ
وَأَمَدَّ خَيْرًا فِي الْعِبَادَةِ وَالْعَمَلْ
وَهُوَ الثَّرِيُّ بِمَالِهِ وَفِعَالِهِ
نَصْرًا لِدِينِ اللهِ أَنْفَقَ وَارْتَحَلْ
فِي وَصْفِهِ دُرٌّ تَلَأْلَأَ فِي السَّمَا
قُلْ مَا تَقُولُ فَلَا تُجَازِي مَا فَعَلْ
لَقَدْ اشْتَرَى بِئْرًا هَدَاهُ سِقَايَةً
وَوِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْغَلَلْ
أَعْطَى لِجَيْشِ الْعُسْرَةِ الْمَالَ الَّذِي
أُعْطَى لَهُ مِمَّا أُسِيقَ وَمَا حُمِلْ
فَالْجُودُ مَدْحٌ لَا يَفِيهِ تَعَظُّمًا
فَاقَ الْمَدِيحَ فَلَا يَلُوذُ بِهِ النَّقِلْ
خَوْفًا عَلَى الْقُرْآنِ عَدَّدَ نَسْخَهُ
كَيْ لَا تُخَالِطُهُ الشَّوَائِبُ وَالْحِيَلْ
عَمَدَتْ جُيُوشُ الرُّومِ رَدَّ جُيُوشِنَا
فَقَضَى عَلَيْهِمْ بِالْمَهَالِكِ وَاتَّصَلْ
فَأَتَمَّ فَتْحَ الشَّرْقِ لَا يَبْقَى بِهِ
مُدُنًا وَأَوْطَانًا أَتَاهَا أَنْ تَضِلْ
فَبَنَى بِأُسْطُولٍ عَظِيمٍ شَامِخٍ
وَتَعَدَّدَتْ فِيهِ الْمَرَاكِبُ وَالدَّقَلْ
وَأَتَى بِإِفْرِيقَا وَقَاتَلَ جَيْشَهَا
طَالَ الْقِتَالُ وَجُلُّهُمْ مِنْهُمْ قُتِلْ
فَتَقَسَّمَا فِئَتَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ
يَتَنَاوَبُونَ عَلَى الْأَعَادِي بِالْأَسَلْ
فَتَقَهْقَرُوا بِحُصُونِهِمْ وَعَتَادِهِمْ
أَعْدَاؤُنَا بَيْنَ الْكَلَالَةِ وَالْهَلَلْ
نَالَتْ جُيُوشُ الْمُسْلِمِينَ بِنَصْرِهَا
فَتْحًا وَعَادَتْ بِالْغَنِيمَةِ وَالثَّقَلْ
عَادَتْ جُيُوشُ الرُّومِ تَثْأَرُ بَعْدَهَا
بَرًّا وَبَحْرًا فِي لُقَانَا تَقْتَتِلْ
وَسُيُوفُنَا تَجْتَاحُ كُلَّ جُسُومِهِمْ
بَيْنَ الْمَلَاحِمِ وَالْمَعَارِكِ تَشْتَعِلْ
صَارَتْ مِيَاهُ الْبَحْرِ لَوْنَ دِمَائِهِمْ
عَادُوا الْفِرَارَ وَباَتَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلْ
وَتَمَدَّدَ الْإِسْلَامُ بَيْنَ رُبُوعِهَا
فَتْحًا عَظِيمًا لَا يُغَالِبُهُ الْفَشَلْ
مُلِئَتْ بِلَادُ الْمُسْلِمِينَ بِعَهْدِهِ
خَيْرًا وَفِيرًا عَمَّ فِي كُلِّ السُّبُلْ
وَقَضَى عَلَى عُثْمَانَ آخِرَ عَهْدِهِ
فِتَنٌ أُثِيرَتْ قَادَهَا أَهْلُ الْخَلَلْ
قَدْ كَانَ يَوْمًا عَابَدًا مُتَوَضِّئًا
يَتْلُو بِآيَاتِ الْكِتَابِ وَمَا وَجَلْ
فَقَضَوْا عَلَيْهِ وَلَمْ يَهِيبُوا أَمْرَهُ
أَهْلُ الرَّجَاسَةِ وَالسَّفَاهَةِ وَالْخَبَلْ
لُعِنُوا وَخَابُوا فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ فِي
كُلِّ الْبَرَايَا بِالنَّدَامَةِ وَالزَّلَلْ
******************
الجزء السادس
(درر الأنام في تاريخ الإسلام)
علي بن أبي طالب والحسن بن علي
--------------------------
فَأَتَى عَلِيٌّ لِلْخِلَافَةِ قَائِمًا
وَمَضَى عَلَى نَهْجٍ فَرِيدٍ مُسْتَقِلْ
قَدْ أَنْفَقَ الْأَمْوَالَ فِي أَبْوَابِهَا
دُرَرٌ ثَمِينٌ لَا نُغَالِي مَا شَغَلْ
نَشَرَ الْعُلُومَ وَأَوْقَدَ النُّورَ الَّذِي
عَمَّ الْفُؤَادَ وَأُشْبِعَتْ مِنْهُ الْمُقَلْ
هُوَ زَوْجُ فَاطِمَةَ الْبَتُولِ وَأُنْسُهَا
مِنْ صُلْبِهِ الْحَسَنَانِ بُورِكَ مَا حَمَلْ
مِنْ آلِ بَيْتِ رَسُولِ رَبِّي أُسْوَةٌ
مِنْ حُسْنِهِمْ طَابَ الْفُؤَادُ كَمَا نَهَلْ
فَهُوَ الْإِمَامُ كَذَا الْأَمِيرُ بِعِلْمِهِ
مُتَصَوِّفٌ فِي زُهْدِهِ ضُرِبَ الْمَثَلْ
قَدْ لَازَمَ الْمُخَتَارَ كَاتِبَ وَحْيِهِ
حُرٌّ تَقِيٌّ لِلْإِلَهِ قَدِ اتَّصَلْ
هُوَ شَاعِرٌ مِنْ سَلْسَبِيلٍ حَرْفُهُ
حِكَمٌ وَإِنْشَادٌ وَحَرْفٌ مُبْتَهَلْ
فِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مُصَدِّقًا
بِرَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مَعَ الْأُوَلْ
يَقْضِي أُمُورَ النَّاسِ لَا يَعْبَثْ بِهَا
فِي حُكْمِهِ حَكَمٌ رَشِيدٌ مُعْتَدِلْ
مَلَأَ الْحَيَاةَ بِعِلْمِهِ وَبَهَائِهِ
نُورٌ تَجَلَّى لَا تُظَلِّلُهُ الدَّغَلْ
فِي هِجْرَةِ الْمَبْعُوثِ نَامَ بِعُقْرِهِ
لِيُضِلَّ أَعْدَاءَ الرِّسَالَةِ مَا وَجَلْ
ذَاكَ الْكَرِيمُ مُكَرَّمٌ بِفِعَالِهِ
رَجُلٌ عَظِيمٌ إِنْ تَرَاهُ وَإِنْ تَسَلْ
زَادَ الْخِلَافُ عَلَى مَشَارِفِ عَهْدِهِ
فِتَنٌ تَوالَتْ إِثْرَ مَوْقِعَةِ الْجَمَلْ
وَلَقَدْ تَفَرَّقَ فِي الصَّحَابَةِ جَمْعُهُمْ
قَدْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ أَثَابَ وَمَنْ نَكَلْ
لَسْنَا نُدَاهِمُ أَيَّ فَرْدٍ مِنْهُمُو
فَاللهُ يَجْزِي مَنْ أَصَابَ وَمَنْ أَضَلْ
إِذْ كُلُّ فَرْدٍ قَائٍمٌ بِفِعَالِهِ
وَجَزَاؤُهُ عِنْدَ الْإِلَهِ بِمَا كَفَلْ
قَتَلَ الْخَلِيفَةَ فِي رِحَابِ صَلَاتِهِ
سَهْمٌ بِأَيْدٍ خَابَ صَاحِبُهَا وَذَلْ
تَرَكَ الْخَلِيفَةُ سِيرَةً فِي وَصْفِهَا
نُورٌ أَضَاءَ الْوَجْدَ فِينَا مَا طَفَلْ
فَتُوُلِّيَ الْحَسَنُ الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ
لَا لَا تَسُوءُ بِه الظُّنُونُ وَلَا الْجَعَلْ
مِشْكَاةُ نُورٍ قَدْ تَنَاثَرَ ضَيُّهُ
بَيْنَ الْمَرَابِعِ هَادِيًا كُلَّ السُّبُلْ
عَنْ خَامِسِ الْخُلَفَاءِ أَرْوِي مَا رَوَى
فِي دُرَّةِ الْحَسَنِ الْقَوِيمِ بِمَا أَمَلْ
فَأَخُو الْحُسَيْنِ بَنُو عَلِيِّ وَأُمُّهُمْ
آلُ النَّبِيِّ وَحُبُّهُ وَصْلٌ يُجَلْ
حَقَنَ الدِّمَاءَ بِحِكْمَةٍ وَأَمَانةٍ
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَدْ تَنَازَلَ وَاعْتَزَلْ
وَتَوَحُّدُ الصَّفَّيْنِ سُمِّيَ وَقْتَهَا
عَامَ الْجَمَاعَةِ قَدْ أَثَابَ بِمَا فَعَلْ
وَقَضَى عَلَى دَأْبِ الْخِلَافِ مُسَالِمًا
مُتَوَدِّدًا فَتَوَحَّدَتْ كُلُّ الثُّلَلْ
وَقَدِ انْتَهَى عَهْدُ الْخِلَافَةِ بَعْدَهُ
حُكْمُ الْمُلُوكِ كَمَا تَوَاتَرَ وَانْتَقَلْ
يَا قَاتِلَا الْحَسَنَيْنِ قُبِّحَ فِعْلُكُمْ
مَنْ سَيِّدَا أَهْلِ الْجِنَانِ مَعَ الْأُوَلْ؟
أَبْنَاءُ فَاطِمَةٍ وَحِبُّ نَبِيِّنَا
بَعْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِمُو سَلِّمْ وَصَلْ
*****************
الجزء السابع
(درر الأنام في تاريخ الإسلام)
الحكم الأُموي
----------------------------
أَمَّا مُعَاوِيَةٌ فَلَمْ أُنْشِدْ بِهِ
غَضَبًا وَلَا ذَمًّا عَلَيْهِ وَلَا جَدَلْ
يَكْفِيهِ فَرْدٌ مِنْ صَحَابَةِ أَحْمَدٍ
للهِ رَبِّي مَا أَعَزَّ وَمَا أَذَلْ
مَلَكَ الْبِلَادَ وَقَدْ تَمَدَّدَ حُكْمُهُ
حُكْمًا عَظِيمًا فِي رُؤَانَا مُشْتَمِلْ
فَغَزَا بِلَادَ الرُّومِ قَلْبَ دِيَارِهِمْ
بَرًّا وَبَحْرًّا لَا يَهَابُ وَلَا يَكِلْ
أَمَّا بِلَادُ الْقَيْرَوَانِ أَجَلَّهَا
صَارَتْ عَرُوسًا تُحْتَفَى بَيْنَ الدِّوَلْ
عَبَرَ الْبِحَارَ وَمَدَّ فِي غَزَوَاتِهِ
بِالْمَغْرِبِ الْعَرَبِيِّ فَتْحًا مُكْتَمِلْ
فِيمَا وَرَاءَ النَّهْرِ مَدَّدَ فَتْحَهُ
فَغَزَا بِلَادَ الْغَرْبِ سَهْمًا لَمْ يَمَلْ
رَضِيَ الْإِلَهُ عَنِ الصَّحَابَةِ كُلِّهَا
فِي كُلِّهِمْ رَشَدٌ قَوِيمٌ قَدْ نَزَلْ
فَمَضَى مُعَاوِيَةٌ ومُلِّكَ بَعْدَهُ
مِمَّنْ أَصَابَ وَمَنْ أَضَلَّ وَمَنْ أَكَلْ
ذَاكَ الْمَنُوطُ بِحُكْمِهِمْ وَفِعَالِهِمْ
مَا بَيْنَ جَوْرٍ وَاعْتِدَالٍ بِالْجَدَلْ
فَاللهُ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ اللُّقَى
بِقَضَائِهِ فَضْلٌ وَعَدْلٌ لَا يُضَلْ
خَلَقَ الْحَيَاةَ جَلِيلَهَا وَكَلِيلَهَا
كَتَبَ السَّعَادَةَ وَالشَّقَا مُنْذُ الْأَزَلْ
لَيْسَتْ هِيَ الدُّنْيَا كَمَا شَاؤُوا بِهَا
فِيهَا يُجَازَى مَنْ أَصَابَ وَمَنْ نَكَلْ
*****************
الجزء الثامن
(درر الأنام في تاريخ الإسلام)
عمر بن عبد العزيز
----------------------------
فَأَتَى أَبُو حَفْصٍ وَمُلِّكَ بَعْدَهُمْ
عُمَرٌ وَصَارَ الْخَيْرُ فَيْضًا يَنْهَمِلْ
وَمَضَى عَلَى نَهْجِ الْخِلَافَةِ حُكْمُهُ
عَنْ جَدِّهِ الْفَارُوقِ قَوَّمَ وَاعْتَدَلْ
رَدَّ الْمَظَالِمَ وَاسْتَقَامَ بِعَدْلِهِ
وَبَدَتْ لَهُ كُلُّ الْمَدَائِنِ تَحْتَفِلْ
عَامَانِ حَاكِمُهَا وَخَمْسَةُ أَشْهُرٍ
عَهْدٌ قَصِيرٌ لَا يَطُولُ بِه الطِّيَلْ
مُلِئَتْ بِلَادُ الْمُسْلِمِينَ بِعَهْدِهِ
خَيْرًا جَزِيلًا قَدْ تَكَاثَر وَانْسَجَلْ
ذَاكَ الْقَوِيمُ بِعَدْلِهِ وَسَلَامِهِ
كَالنَّجْمِ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ إِذَا أَطَلْ
فَالذِّئْبُ يِأْمَنُهُ الْقَطِيعُ إِذَا رَعَى
وَالنَّسْرُ طَارَ مَعَ الْحَمَائِمِ وَالْحَجَلْ
للهِ فِي عَهْدٍ تَنَعَّمَ وَاحْتَفَى
دُرٌّ تَنَاثَرَ فِي الْمَدَائِنِ وَانْسَدَلْ
صَلُّوا عَلَى آلِ النَّبِيِّ وَصْحِبِهِ
وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِدَرْبٍ مُتَّصِلْ
****************
الخاتمة
(درر الأنام في تاريخ الإسلام)
------------------------
خَيْرُ الْأَخِلَّةِ هُمْ أَخِلَّةُ أَحْمدٍ
أَهْلُ التَّقَاوَةِ وَالْحَفَاوَةِ وَالْعَمَلْ
هُمْ خِيرَةُ الْأَصْحَابِ مِنْ بَيْنِ الْمَلَا
نُورٌ تَلَأْلَأَ لَا تُوارِيهِ الظُّلَلْ
طَرِبَ الْفُؤَادُ عَلَى مَدَائِحِ ذِكْرِهِمْ
وَطَفَى عَلَى كُلِّ الْمَعَازِفِ وَالْغَزَلْ
يَا نَسْمَةً هَبَّتْ عَلَى أَرْوَاحِنَا
نَثَرَتْ شَذَاهَا بِالْمَدَائِنِ وَالْقِبَلْ
فُهُمُ الْمُلُوكُ بِعِزِّهِمْ وَشُمُوخِهِمْ
مَا رَادَ فِيهِمْ قَائِدٌ إِلَّا وَصَلْ
مَهْمَا يَطُولُ الْبُعْدُ يَبْقَى حُسْنُهُمْ
قَمَرًا مُنِيرًا لَا يَضُرُّ بِهِ الزِّحِلْ
مَا زَادَ مَدْحِي فِي مَدَائِحِ وَصْفِهِمِ
كَالْبَحْرِ مَا زَادَ اخْتِلَاطًا بِالْوَشَلْ
صَلُّوا عَلَى خَيْرِ الْخَلَائِقِ أَحْمَدٍ
نُورُ الْهِدَايَةِ وَالسَّلَامَةِ مَا حَمَلْ
*******************
درر الأنام في تاريخ الإسلام
تعليقات
إرسال تعليق